اترُكانِـــي لِســـاعَةٍ في الشَّــــآمِ!!
شعــر: هــلال الفــارع
كفكفي الدَّمَّ يا دمشقُ، ونامي
وَدَعي لي الأَسَى، وهَوْلَ الظَّلامِ

أنتِ أقوى مِنَ الحِرابِ، ومِمَّنْ
شَحَذُوها بالمالِ، أو بالكَلامِ

احلمي أنتِ بالهوى، واتركيني
دونَ سَهمٍ مُسدَّدٍ في الظَّلامِ

فأنا منذُ قايضُوا بَسَماتي
بالخياناتِ، لم أُعانقْ مَنامي

وأنا منذُ أورَقَتْ في خُدُودي
سُحُبُ الدَّمعِ، لم أُعاقِرْ مُدامِي

شاخِصُ الرُّوحِ، فوقَ كِتْفِيَ حِمْلٌ
كَسَرَ الصَّبرَ، وابتلى أقدامي

أنتِ مثلي، ضَحِيَّةٌ لِزَمانٍ
صامِتِ الأُسْدِ، صَاخِبِ الأغنامِ

هكذا الكُفرُ: أنْ تكونَ الضحايا
ساتِراتٍ لِسَوْأةِ الحُكَّامِ

فَدَعِيني أَرُدَّ عنكِ حِرَابًا
سَدَّدَتْهَا سواعِدُ الإجرامِ

لهفَ قلبي عليكِ، أيُّ جُنونٍ
صارِخِ المَسِّ، باذِخِ الإيلامِ

أَوْلَمَ الموتُ في يديهِ، فأضحى
مارِقًا في عباءَةِ الإسلامِ

ليسَ مني، وليسَ منكِ رَخيصٌ
باعَ بالبَخْسِ دُرَّةَ الأحلامِ

قد تُلاقينَ منهمُ اليومَ خَوْفًا
فاطمئِنّي، سيلتقونَ الدّامِي


يا خليليَّ أقفرَ القلبُ نبضًا
وبكى الغِمدُ نَبْوةً في الحُسامِ

(قرِّبا مَربَطَ "الكرامةِ" مني)
واترُكانِي لِساعَةٍ في الشَّآمِ

فَأَنا منذُ أثخَنُوها يتيمٌ
تائهُ الخَطوِ، لا أرى قُدَّامِي


(قرِّبا مَربَطَ "الكرامةِ" مني)
واترُكاني، وخفِّفَا مِنْ مَلامي

قَرِّباها فإنَّ خَوْفِيَ ماضٍ
حَدُّهُ اليومَ مِنْ صُرُوفٍ جِسامِ

ساحَةُ الشَّامِ مِلؤُها حَسَرَاتٌ
زَرَعَتْهَا حُرِّيَّةُ الألغامِ

قاتِلٌ مَنْ أَراقَ لحظَةَ أَمْنٍ
في قِدَاحِ الأخوالِ والأعمامِ

أيُّها النَّاسِفُونَ يُتْمَ اليَتامَى
أيُّها الضَّائِعُونَ كالأيتامِ

لكمُ الغُرمُ، وافْتِلاتُ الحِمامِ
ولَنا الحُلمُ، والتفاتُ الحَمامِ

لم يعدْ بينَنا كَثيرُ تلاقٍ
واقتَسَمْنا جزيرَةَ الأرحامِ

فاتَّخَذْتُمْ مِنَ الجريرةِ رَبًّا
وَتَرَكْنَا عِبادَةَ الأصنامِ