إيهِ يا صاحبي... يا خميس!!

*شعــر: هــلال الفــارع




أنا قد وصلتُ الرياضَ..

ولم تأتِ أنتْ

كأنَّكَ مُتْ!

وكُنَّا على مَوْعِدٍ،

أَنْ يكونَ لنا في الرياضِ لِقَاءٌ،

ولمْ تأتِ أنتْ

كَأَنِّيَ مُتْ!

لماذا تأَخَّرْتَ؟

هل كُنتَ تحتاجُ موتًا لتُقنِعَنِي أنَّنا مَيِّتانْ؟

وهلْ كانَ لا بُدَّ أنْ تَحْتَسِي كُلَّ ذاكَ البَيَاضِ،

وَتُسْكِتَ فَوْضَى الْبَنَانْ؟

وإنْ كُنْتَ أنتَ نسيتَ،

فلستُ بِنَاسٍ،

بأنَّكَ كُنْتَ تُخَفِّفُ مِنْ وَقْعِ خَفْتِ القلوبِ،

وكنتَ تقولُ:

اطْمَئِنَّ، فَإِنَّ الَّذي جَرَّبَ النَّفْيَ لا يَشْتَهِيهِ الْكَفَنْ

لِمَاذَا إِذًا مُتَّ مِنْ دُونِ أَنْ تَسْتَرِدَّ وَطَنْ؟!

(أَمِنْ أَجْلِ هذَا اغْتَرَبْنَا سِنِينَا)؟!!

أَمِنْ أَجْلِ هَذَا صَبَرْنَا،

على ابْنِ الَّتِي، والَّذي، والَّذِينا؟

لكَ اللهُ يا صاحِبِي.. يا خَمِيسُ،

فَقَدْ مُتَّ عَفْوًا،

وَهَأَنَذَا مُتُّ سَهْوًا،

كِلانَا إِذًا مَيِّتٌ لَنْ يَؤُوبْ

لأَنَّ كِلَيْنَا صَرِيعَا قُلُوبْ

لأنَّ كِلَيْنَا قَتِيلا قَوافِي

لماذَا إِذًا رُحْتَ تَبْحَثُ – يا صاحِبِي –

عَنْ جُنُونٍ، وَمَوْتٍ إِضَافِي

وَإِنَّكَ تَعْلَمُ جِدًّا،

بِأَنَّكَ لَنْ تُقْلِقَ الضِّفَّتَيْنِ بِمَوْتٍ،

وَلَوْ كانَ في مُنْتَهَى الاحْتِرافِ!

أَظُنُّكَ تَرْغَبُ في أَنْ تَرَى ما جَرَى بَعْدَ مَوْتِكَ،

فَلْتَطْمَئِنَّ؛

نَعَتْكَ الأُلُوفْ

هُنا فَتَحُوا مَأْتَمًا،

والْتَقَى الْكُلُّ: نَحْنُ، وَهُمْ، والضُّيُوفْ

وَسُوِّدَ في مُنْتَدَى الشِّعْرِ وَجْهُ الْحُرُوفْ

وَقِيلَ الَّذِي قِيلَ فيكَ، وعَنْكَ،

وَعَنْ قَسْوَةِ الْمَوْتِ في مِثْلِ تِلْكَ الظُّرُوفْ

أَمِنْ أَجْلِ هَذَا إِذًا مُتَّ يا صاحِبي؟!

هَلْ نسيتَ بِأَنَّكَ كُنْتَ تَقُودُ الصُّفُوفْ؟!

وَكُنْتَ الْخَمِيسَ الَّذي إِنْ سَرَى اهْتَزَّ رُكْنُ الْقَوافِي،

وَأَوْلَمَ فينا الْكُسُوف؟!

بِمَوْتِكَ لَمْ يَنْتَهِ الْكَوْنُ،

لَمْ يَشْغَلِ اسْمُكَ وَجْهَ الْجَرَائِدِ،

إلا لَدَى مُسْتَطِيلٍ صَغِيرٍ على صَفْحَةٍ داخِلِيَّهْ

وَلَمْ يَفْقِدِ النِّفْطُ قِيمَتَهُ

- مثلما قُلتَ -

حتَّى الْحَيَاةُ اسْتَمَرَّتْ بِدُونِكَ:

حَمْرَاءَ حينًا،

وَصَفْرَاءَ حينًا،

وَمَاتَ الكَثيرونَ قَبْلَكَ،

مَاتَ الكَثيرونَ بَعْدَكَ

حَتَّى بِمَوْتِكَ ما كُنْتَ ذَا أَوْلَوِيَّهْ

وقدْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا يَقِينًا،

لِمَاذَا إِذًا غِبْتَ يا صاحِبي في البياضِ،

وأَسْدَلْتَ كُلَّ السَّوادِ عَلَيَّهْ؟!

وَأَفْرَدْتَنِي أَحْرُثُ الْبَحْرَ،

في رِحْلَةٍ خَلْفَ نِصْفِ هُوِيَّهْ؟!

سَأَبْكِيكَ.. لا يا خَمِيسُ،

لأنَّكَ فُزْتَ بِكُلِّ الْهُوِيَّهْ!!