إنّي أخَــافُ اللَّيــلَ وَحْــدِي!

*شعــر: هــلال الفــارع


مَنْ رَوَّعَكْ
حتَّى حَزَمْتَ
– عَلَى الجُنُونِ -
إِلَى الرَّحيلِ تَوَجُّعَكْ؟
وَلِمَنْ سَتَتْرُكُنِي،
وَإِنِّي بَعْضُ جُرْحِكَ يَحْتَسِي ما أَوْجَعَكْ؟!
لا تَبْتَعِدْ،
فَأَنا أَخافُ اللَّيْلَ وَحْدِي،
والنَّهَارُ إِذَا تَغِيبُ يَغِيبُ عَنِّي،
ثُمَّ يَطْوِي صُبْحَهُ كَيْ يَتْبَعَكْ
لا تَبْتَعِدْ عَنِّي،
وتَتْرُكْنِي فَرِيسَةَ هاجِسٍ شَرِسٍ يُسَاوِرُنِي،
بِأَنَّ غَدِي سَيفْقِدُ مَطْلَعَكْ
وبِأَنَّنِي بِيَدِي اُوَدِّعُنِي،
إِذَا امْتَدَّتْ يَدِي لِتُوَدِّعَكْ
لا تَبْتَعِدْ،
أَرْجُوكَ دَعْنِي،
كَيْ أُحَاوِلَ كُلَّ ما مِنْ شَأْنِهِ
أَنْ يَمْنَعَكْ
فَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى مُعَاقَرَةِ النَّوَى،
خُذْنِي مَعَكْ
إِنْ كُنْتَ تَقْصِدُ جَنَّةً خَضْرَاءَ،
خُذْنِي ظَبْيَةً تَرْعَى خُطَاكَ،
- وَأَنْتَ تَخْطُرُ حَالِمًا فيها -
وَتَشْرَبُ في الْمَقِيلِ تَرَنُّمَكْ
أَوْ كُنْتَ تَقْصِدُ نارَكَ الْحَمْرَاءَ،
أَطْعِمْنِي لِجَمْرِكَ وَجْبَةً أُولى،
فإِنَّ دَمِي يُحِبُّ جَهَنَّمَكْ
لا تَمْتَثِلْ للصَّبْرِ،
إِذْ تَجْتَاحُنِي عَيْنَاكَ في يَوْمِ الوَدَاعِ،
تَقُولُ لي: سَأَعُودُ، فانْتَظِرِي..
فَحَرِّرْ مَدْمَعَكْ
فَلأَنْتَ تُخْفِي حَسْرَةً،
قَدْ جَرَّدَتْ حَدًّا يُمَزِّقُ أَضْلُعَكْ
إِنْ كُنْتُ تَفْضَحُنِي دُمُوعي،
وهيَ تَذْرِفُنِي،
فَإِنَّكَ ذَارِفٌ في صَمْتِكَ الْواهِي
بِصَمْتٍ أَدْمُعَكْ
فانْزِفْ على خَدَّيكَ نَهْرَ الْكَبْتِ،
لا تَشْقَ الْغَدَاةَ،
فَلَنْ أَقُولَ إِذَا شَقِيتَ بِدَمْعِكَ الْمَحْبُوسِ:
ما أَقْسَاكَ، أو ما أَبْرَعَكْ!
وَلْتَطْمَئِنَّ،
فَلَنْ أَقُولَ إِذَا سَقطْتَ مُضَرَّجًا بِاسْمِي
- عَلَى مَنْفَاك –
يا بَطَلَ الهَوَى.. ما أَشْجَعَكْ!
خُذْنِي مَعَكْ
فَلَرُبَّمَا تَغْفُو،
فَتَدْفِنُ طَيَّ شَعْرِي وَجْهَكَ الْمَنْهُوبَ خَوْفًا،
لَنْ يَقُضَّ الْخَوفُ
- إِذْ تَغْفُو بِحِضْنِي- مَضْجَعَكْ
ولرُبَّمَا تَدْعُوكَ أَوْجَاعُ الزِّنَادِ،
وَأَنْتَ سَاهٍ عِنْدَهَا،
فَأَكُونُ فِيهَا أُصْبَعَكْ
وَلَرُبَّمَا تَهْوِي،
وَقَدْ أَضْنَاكَ هذا النَّأْيُ في الْمَنْفَى،
فَأَلْقَفُ مَصْرَعَكْ
عُدْ عَنْ عِنَادِكَ،
قَبْلَ أَنْ تَلْقَى دَمِي يَجْرِي على كفَّيْكَ،
ثُمَّ تَعُودَ لي تَبْكِي،
تَعُضُّ أَصَابِعَكْ
فَأَقُولُ ضَيَّعَنِي هَوَاكَ... وَضَيَّعَكْ
عِشْنِي إِذًا، أَوْ مُتْ مَعِي،
فَالْمَوْتُ، حتّى الْمَوتُ يَحْلُو،
عِنْدَمَا يَأْتِي،
فَيَلْقَانِي مَعَكْ !!