مَنْ أَنا مِنْ دُونِ عَيْنَيْكِ؟

شعــر: هــلال الفــارع

[frame="13 80"]حَدِّثِينِي عَنْكِ أَحْيانًا، فَإِنِّي
أَتَمَنَّى كِلْمَةً مِنْكِ،
تُوَاسِي كِبْرِيَائِي،
بَعْدَ بَيْنِكْ
وَاشْرَبِي وَجْهِي بِعَيْنَيْكِ، لأَنِّي
مِنْ زَمَانٍ أَتَشَهَّى
عَطَشًا يَشْهَقُ مِنْ أَهْدَابِ عَيْنِكْ
حَدِّقِي فِيَّ طَوِيلاً،
وَاقْرَئِي ثَوْرَةَ صَمْتِي،
واقْرَئِينِي جَيِّدًا مِنْ أَوَّلِ السَّطْرِ،
إِلَى آخِرِ حَرْفٍ،
يَعْشَقُ الْعَزْفَ على أَوْتَارِ ثَغْرِكْ
حَدِّقِي فِيَّ، فَإِنِّي
لَمْ أَزَلْ أُولَدُ في عَيْنَيْكِ، حَتَّى
وَأَنَا أَقْضِي على شَفْرَةِ جَوْرِكْ
يا لِهَذَا الْقَلْبِ إِذْ يَطْوِي جَنَاحَيْهِ
على دَقَّاتِ قَلْبِكْ
وَيُطِيلُ الصَّمْتَ والْخَوْفَ إِذَا ما
نَوَّحَتْ دَقَّاتُهُ الْخَرْسَاءُ،
في حُزْنٍ، بقُرْبِكْ!
مَنْ أَنا مِنْ دُونِ عَيْنَيْكِ؟
وَمَنْ أَغْدُو،
بِلا أَنْغَامِ شَدْوِكْ؟!
هَاجِسُ الْغُرْبَةِ لَمْ يَقْوَ
على ذَبْحِي، لأَنِّي
لَمْ أَزَلْ أَرْفُلُ في بَلْسَمِ عَفْوِكْ
آهِ كمْ عَانَيْتُ،
كي أُلْقِي يَمِينِي فَوْقَ كِتْفِكْ
وَأُوَارِي كُلَّ آهَاتِي بِكَفِّكْ!
فأنا منذُ زَمَانٍ،
مُنْذُ غَادَرْتُكِ يا سَيِّدةَ الْعِطْرِ،
تَدَثَّرْتُ بِعِطْرِكْ
وَأَنِينِي لا يُدَانِينِي،
وَلْمْ يَجْرُؤْ على لَجْمِ حَنِينِي،
فَلقَدْ لُذْتُ بِصَدْرِكْ
آهِ كمْ قَاتَلْتُ ،
كَيْ أَعْبُرَ مِنْ نَارِي،
إِلَى جَنَّةِ شَعْرِكْ!
آهِ كَمْ أَلْغَيْتُ ذَاتِي،
وَتَحَايَلْتُ على حِبْرِ دَوَاتِي،
وَتَسَاقَطْتُ حُرُوفًا،
تَتَوَارَى خَلْفَ سَطْرِكْ!
فَلِمَاذَا أَنْتِ تَسْعَيْنَ إِلَى إِشْعَالِ حُزْنِي،
وَأَنَا أُمْطِرُ نَبْضِي فَوْقَ حُزْنِكْ؟
وَلِمَاذَا بَعْدَما حَطَّتْ على جَمْرِكِ مُزْنِي،
أَشْعَلَتْ كَفُّكِ جَمْرِي،
وَتَوَارَيْتِ بِمُزْنِكْ؟
أَنْتِ نَشَّرْتِ على الأُفْقِ شُجُونِي
وَتَوَاطَأْتِ عَلى إِيقَادِ خَوْفِي وَظُنُونِي
أَنْتِ أَشْعَلْتِ جُنُونِي
وَتَصَيَّدْتِ رَجَاءَاتِي بِهَجْرِكْ
إِنَّنِي طِفْلُكِ يا سَيِّدَةَ الْكَوْنِ، وَإِنّي
قدْ تَوَضَّأْتُ بِتِبْرِكْ
فَاتْرُكِي هَجْرِي... إِلَى صَدْرِي،
فَهذَا الْقَلْبُ مَا صَلَّى لِغَيْرِكْ!
[/frame]