[align=center]
[frame="7 60"]
مدينة .. بلا سماء


شعر : مروة حلاوة


إلى المغني الذي ما زال يعزف أنغامه تحت نافذة المجنون


*

بُقَعٌ من الإسفلت هذي ..

أم شظايا من نشيد يحتضرْ ..؟

يا أيها الماشون في نفق المدينةِ ..

تحت أسفلت المدينةِ ..

والحجرْ

عودوا إلى حاناتكمْ ..

خنق المُغَنِّي ..

و الأغاني

قد تلاشى لحنُها ..

ضاع الصدى ..

بين الجبالْ

عودوا إلى حاناتكمْ

لن تدفنوه ..

دعوه تدفنْهُ الرمالْ

عودوا إلى حاناتكمْ

كُهَّانُ " بابلَ " ما استفاقوا ..

و القمرْ ..!

ما زال يرقص في جرار الماءِ ..

تحملُها الصبايا ..

واجماتٍ كالشجرْ

يبس الشجرْ

يبستْ صبايا الماء في أغصانه

يا أيها الماشون في نفق المدينةِ ..

تُشرعون كؤوسكم صوب المدينةِ ..

خانكمْ هذا الضبابُ ..

فلا سماء ْ

فوق المدينة ..

لا سماءْ

هو ذا السرابُ يلوح بين عيونكمْ

يا أيها المُتسكِّعون ..

الظامئون إلى الغناءْ

عودا إلى حاناتكم ..

نفدَ الغناءْ

عودوا إلى حاناتكمْ ..

خُنِقَ المُغَنِّي

مُزِّقَتْ أوتاره ..

نُفِيتْ عشيقتُهُ الصغيرةُ ..

خصلةٌ من شعرها ..

بقيتْ هناك على يديهِ ..

تَنزُّ أرواح الصورْ

و زهورُها الحمراء فوق جباله ..

تُغوي الوترْ

خلَعتْ مواجعَها ..

كَوَتْ ألمَ الأُنوثةِ ..

كسَّرتْ وزن الأغاني

رجَّعتْ للرمل إيقاع الرياح ..

وللحجرْ

و هبتْ دواليَها ..

وها .. ضجَّ الخبرْ

صُحفُ الصباح تناقَلَتْهُ

وسطَّرتْ في الصفحة الأولى : ..

هنا ..

وأمام صورته ..

انتحرْ

وُجِدَ المُغنِّي ميِّتاً

فترحموا ..

هذا قضاءُ الله ..

ـ قالوا ـ ..

و القَدَرْ .. !


* * *



من ديواني : مدينة .. بلا سماء

الصادر عن وزارة الثقافة السوريّة /2002
[/frame]
[/align]