أَيُّها الْمَشَّاءُ في جَوْفِ الظَّلامْ
قَلبُكَ الأَجْرَدُ مِشْكاةٌ
تَدَلّى كَوْكَبٌ أَخْضَرُ مِنْها
أَوْقَدَتْ أَرْجاءَهُ الشَّمْسُ الَّتي
ما إِنْ رَسَتْ في ساحِلِ الشَّرْقِ أَوِ الْغَرْبِ
أَمَامِي سُبُلٌ مُشْرَعَةٌ أَبْوابُها
جَسَدي رُجَّ لَهَا رَجّا مَريـجاً
وَاْرَتَمَى في مِرْجَلِ السَّبْعِ الشِّدادْ

****
سُبُلٌ مُشْرَعَةٌ أَبْوابُها
مُنْعَرَجاتٌ قَذَفَتْنِي مِنْ فَلاةٍ لِفَلاةٍ
جَعَلَتْ زادِيَ غِسْليناً وَزَقُّّوما
لِهَذا جَسَدي بُسَّتْ عِظامُهْ

****
سُبُلٌ بَلْ سُعُرٌ مُشْرَعَةٌ أَبْوابُها
جَرَّدَتْنِي مِنْ جُذوري
جَعَلَتْنِي أَتَعَدَّدْ
أَبْعَدَتْنِي عَنْ عَناقيدِ الْوَطَنْ
وَطَنِي مُشْتَعِلٌ
يَمْتَدُّ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطينَ إِلى أَرْضِ فِلَسْطينْ
وَطَنِي مُشْتَعِلٌ
ما عادَ أَرْضاً وَسَمَاءً
وَطَنِي أَصْبَحَ اِسْماً تائِهاً
بَيْنَ مِلَفّاتٍ لَهَا في الْقَلْبِ فَرْعٌ
وَفُروعٌ في تُخومِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ
فِلَسْطينُ حِصانٌ عَرَبِيٌّ
يَمْتَطي صَهْوَتَهُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وَالأَحْمَرُ
حَتّى اخْتَلَطَتْ أَلْوانُ هَذا الْعَالَمِ الْمَوْبوءِ
آهٍ.. تِلْكَ أُمّي رَفَضَتْ كُلَّ بَنِيهَا
تِلْكَ أُمّي
حَجَبَتْها السُّبُلُ الْجَوْفَاءُ عَنّي
دُلَّنِي أَنْتَ عَلَيْها وَاتَّخِذْنِي صاحِباً
لا تَسْأَلَنِّي كَيْفَ أَبْصَرْتُ حِصَانَكْ
بَصَري الْيَوْمَ حَديدٌ
وَلِهَذا دَلَّنِي قَلْبِي عَلَيْك

****
ساعَةُ الْعُسْرَةِ دَقَّتْ فَلِمَاذا الْيَوْمَ سِرّاً
تُسْرِجُ الْخَيْلَ الأشدَّاءَ لِمَاذا تَدْفِنُ الأَخْبَارَ عَنِّي
واضِحٌ أَنِّيَ لا أَمْلأُ عَيْنَيْكَ بِجِسْمي
واضِحٌ أَنَّكَ لا تَعْلَمُ أَنّي قَدْ تَغَيَّرْتُ
وَأَنَّ الْجَسَدَ الضَّامِرَ قَدْ غَيَّرَ جِلْدَهْ
مُنْذُ أَدْمَنْتُ قِيَامَ اللَّيْلِ
هَذَا الْجَسَدُ الضَّامِرُ قَدْ شُدَّتْ عِظَامُهْ

****
إِنَّنِي أَعْدَدْتُ لِلْعُسْرَةِ إِيـمانِيَ أَعْدَدْتُ رِبَاطَ الْخَيْلِ
لا تَخْشَ نُحولِي وَاتَّخِذْنِي صَاحِباً
في هَذِهِ الشِّدَّةِ إِمّا راكِباً
قُدَّامَ هَذَا الْجُنْدِ إِمّا راجِلاً
قُدّامَ هَذَا الْجُنْدِ إِمّا حامِلاً
أَعْلامَكَ الْبَيْضَاءَ
بَايَعْتُكَ مُذْ صَحَّحْتُ خَطْوي
إِنَّنِي طَوَّقْتُكَ الْيَوْمَ بِهَذِي الْبَيْعَةِ الْمُشْتَعِلَه