+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إلى محمود درويش: لماذا تركت الجدارَ وحيدًا؟!!

  1. #1

    افتراضي إلى محمود درويش: لماذا تركت الجدارَ وحيدًا؟!!

    [align=center][align=center]لمــاذا تركــتَ الجِــدارَ وحيــدًا ؟!![/align]
    [align=center]* شعــر: هــلال الفــارع[/align]
    [frame="7 90"][align=center]لِكَيْ يَصْدُقَ القَوْلُ فيكَ،
    عَلَيَّ ارْتِشافُ المَقَالِ مِرَارًا
    إلى يائِهِ الآخِرَهْ
    وترتيبُ ما فيهِ وَفْقَ اشْتِهاءِ مِدَادِكَ
    في الصَّفْحَةِ السَّافِرَهْ..

    لِكَيْ يَصْدُقَ الشِّعْرُ فيكَ،
    عليكَ الرُّجُوعُ إلى قَهْوَةِ الصُّبْحِ بينَ القصائِدِ
    في حَضْرَةِ الفَجْرِ،
    بَعدَ اشْتِعَالِ الصُّداعِ كثيرًا،
    وبعدَ انْطِفَاءِ الْمَدَى،
    قبلَ أنْ يَحْتَسِي شَهْقَةَ النَّاصِرَهْ

    ولا بُدَّ يا صاحِبِي أنْ تَمُرَّ قليلاً
    على لُغَةٍ أَشْعَلَتْ شَيْبَهَا كُلَّهُ،
    ثُمَّ شَقَّتْ عليكَ الْجُيُوبَ،
    وَغَصَّتْ بِضِحْكَتِكَ السَّاخِرَهْ

    لِماذا ترَكْتَ الْجِدَارَ وحيدًا وراءَكَ،
    ثم ارْتَحَلْتَ،
    ولم تنْتَظِرْ هَدْمَهُ؟
    ثم أيْنَ النَّشيدُ الأخيرُ الذي كُنْتَ وَاعَدْتَنَا عِنْدَهُ،
    وانْتَظَرْنَاكُمَا؛
    دُوننا فَاجِعَاتٌ، وَمُستوطناتٌ،وأسيافُ أهْلٍ،
    تمُرُّ على خَجَلٍ فاضِحٍ بينَها الْخَاصِرَهْ؟

    لكيْ يَصْدُقَ الدَّمْعُ فيكَ..
    عليكَ الْمُثُولُ أمامَ العيونِ لِتَشْبَعَ مِنْكَ قليلاً،
    وَتغرَقَ بَعْدَكَ في مِلْحِهَا صَاغِرَهْ!

    سَأُخْبِرُكَ الآنَ عَنَّا،
    فَبَعْدَكَ لم يَسْتَرِحْ دَمْعُنَا،
    أنتَ مُتَّ،
    ونحنُ نَعَيْنَاكَ
    - ليسَ كما يَنْبَغِي رُبَّمَا –
    إنَّما لمْ تُقَصِّرْ وَسَائِلُنَا كُلُّهَا،
    هَلْ رَضِيتَ بِهَذا الحِدَادِ، وهذا المِدَادِ،
    وهذا الْوُجُومِ على وَجْهِ بيروتَ والقدسِ والقيروانِ،
    وبعضِ الشوارِعِ في غَرْبِ عَمَّانَ والقاهِرهْ؟

    سَأُخْبِرُكَ الآنَ يا صاحبي:
    بَعْدَمَا مُتَّ،
    نحنُ رَثَيْنَاكَ
    - لا مِثلَمَا كُنْتَ تَأْمَلُ –
    لَكِننَا لمْ نُقَصِّرْ بِحُزْنٍ،
    ولم نَتَأَخَّرْ عن الزَّفْرِ والْقَهْرِ،
    والنَّبْشِ تَحْتَ، وبينَ قَصَائِدِكَ الثَّائِرَهْ
    وَلَمْ نَتَوَانَ كَثِيرًا عنِ البَحْثِ عنكَ،
    لِنقْرَأَ بعضَ مَلامِحِ موتِكَ في حُزْنِ شَاشَاتِنَا،
    ثم نمْضِي إلى مَوْتِنَا كُلِّهِ،
    حينَ نَهْوي مِنَ القَاعِ،
    كيْ نَستريحَ على قِمَّةٍ خَاسِرَهْ

    وراءَكَ..
    نحنُ كما كُنْتَ فينا:
    نُسَافِرُ في الصَّمْتِ بَحْثًا عن الشِّعْرِ،
    ثم نغرَقُ في الشِّعْرِ بَحثًا عن الخُبْزِ،
    واللُّغَةِ الْحَائِرَهْ
    وَنأْوِي إلى نَسْوَةٍ خَاوِيَاتٍ مِنَ الْبَسْمَةِ السَّاحِرَهْ

    وراءَكَ..
    ما زالَ فينا الكثيرُ من الطَّيِّبِينَ،
    يَنَامُونَ مِلْءَ العُيونِ،
    على الرُّغْمِ مِنْ وَجَعِ الوقْتِ،
    والفِكْرَةِ الخَائِرَهْ
    وما زالَ صَوْتُكَ فينا
    يُرَدِّدُ أَسْمَاءَنَا واحَدًا واحِدًا،
    في كثيرٍ من الْحُبِّ
    واللَّكنَةِ المَاهِرَهْ
    وفي بعضِ ما قَلَّ،
    أو بعضِ ما دَلَّ،
    مِمَّا تُسَيِّجُ مِنهُ السَّماءَ علينا،
    ومما تَمُرُّ بِهِ قُرْبَ شَهْوَتِنا القَاصِرَهْ!!
    لَعَلَّكَ لم تنْتَبِهْ أنَّنَا قد نعيشُ طويلا وراءَكَ،
    أو رُبَّما قد نموتُ سَريعًا وراءَكَ،
    كيفَ اسْتَطَعْتَ الْعُبُورَ إلى فِكْرَةِ الْمَوْتِ مِنْ دُونِنَا،
    كيفَ أَسْلَمْتنا لِلْعِثَارِ،
    لِتَهْنَأَ خُطْوَاتِنَا الْعَاثِرَهْ؟!

    وراءَكَ..
    لم يَخْرُجِ الْعَابِرُونَ هَواءَكَ مِنْهُ،
    ولم يَسْتَضِيفُوا رُفَاتَكَ في حِضْنِ بَيْتِكَ،
    لم يَقْبَلُوا فِكْرَةً لِلنِّقَاشِ الطَّويلِ،
    ولم يَسْمَحُوا لِلْقَوافِي الوقوفَ على ضِفًَّةٍ حَاسِرَهْ
    أَتَذْكُرُ خمْسَ الْبَنَاِت اللَّواتِي وَقَفْنَ
    على بابِ مَدْرَسَةٍ إبتدائيةٍ،
    وَانْكَسَرْنَ مَرَايا،
    وَلَوَّنَّ وَجْهَ التُّرَابِ بِنزفِ الْمَنَاقِيرِ،
    خَمْسَ الْبَنَاتِ اللَّوَاتِي انكَسَرْنَ على مَسْرَحِ الأرضِ،
    ها قدْ أَتَيْنَ وراءَكَ،
    كي يَسْتَمِعْنَ إلى لَوْحَةٍ مِنْ بُكَاءٍ
    على شَاطِئِ الذَّاكِرَهْ

    وراءَكَ..
    أيْقَنَ بَعْضُ الَّذينَ رَأَوْكَ،
    بِأَنَّكَ لم تَلْتَقِ الموتَ وَجْهًا لِوَجْهٍ
    - كما كُنْتَ أَخْبَرْتَهُمْ -
    لم يَشُكُّوا بِأَنَّكَ مُتَّ،
    وأنَّكَ وَازَيْتَ مَوْتَكَ عِنْدَ احْتِمَالِ اللِّقَاءِ،
    فما كانَ مِنْكَ
    سِوَى أَنْ تَنَازَلْتَ للموْتِ
    عن مُفرداتِ الحياةِ،
    وَغِبْتَ بِلا رَجْعَةٍ،
    رُبَّمَا خفْتَ ألا يُلاقيكَ ثانيةً
    في الطريقِ إلى غُرْبَةٍ جَائِرَهْ

    وَيَسْأَلُكَ النَّاسُ بَعْدَكَ:
    كيفَ اسْتَقَلْتَ مِنَ الزَّعْتَرِ الْبَلَدِيِّ،
    وكَيْفَ اخْتَرَعْتَ غِيَابَكَ عَنْ حُلْمِنَا فجأَةً،
    أوْ تَخَيَّرْتَ بُعْدَكَ عن صَبْرِنَا،
    كيفَ أَطْلَقْتَ للرِّيحِ خُطْوَتَكَ الْعَابِرَهْ؟

    وراءَكَ يا سَيِّدَ الْمَوْتِ ماتَ الكثيرُ؛
    القَصائِدُ والنَّثْرُ واللغةُ الشَّاغِرَهْ
    وماتَ على أُفْقِنَا البَحْرُ والزَّهْرُ،
    وانْطَفَأَتْ في دِمَانَا النُّجُومُ،
    وَحَلَّقَ في حُلْمِنَا الخَوْفُ،
    واحْتَلَّنَا الشَّوْقُ للسِّحْنَةِ الْمُسْتَفِزَّةِ فيكَ،
    ولِلْخَوْضِ في وَجَعِ الْوَهْمِ،
    والْعَوْدَةِ الفَاتِرَهْ

    ويسْأَلُكَ الناسُ بَعْدَكَ:
    ماذا دَهَاكَ لِتَرْحَلَ مِنْ دُونِ إِذْنِ المَواقِدِ،
    أوْ دونِ عِلْمِ الشَّوَاهِدِ،
    هل كنتَ تدري بما سوفَ يجرِي وراءَكَ
    مِنْ غصَّةٍ هَاهُنَا،
    أو دموعٍ هُناكَ،
    ومِنْ حسْرَةٍ لن تُغادِرَ وَجْهَ الْمَوائِدِ،
    إنْ لم تَعُدْ بينَنَا مِنْ جَدِيدٍ،
    لِتُنْشِدَ مَقْطُوعَةَ الصُّبْحِ،
    أو كيْ تُغَنِّي لَنَا
    ما اشْتَهَاهُ الْمُغنِّي لنا مِنْ بعيدٍ،
    وتُنْعِشَ أَسْمَاعَنَا
    بالحديثِ عن الْحَشَراتِ الَّتِي
    لم تَزَلْ في مَدَانَا،
    ولمَّا تَزْلْ في رُؤَانَا،
    وفي بُؤْسِنا طَائِرَهْ؟!

    وراءَكَ يا أيُّها الْمُسْتَميتُ على لُغَةِ المَوْتِ،
    دارَتْ على مُفْرَداتِ القَصِيدِ،
    ودارتْ على موتِنَا الدَّائِرَهْ
    ولم نَسْتَفِقْ بَعْدُ مِنْ خَوْفِنَا مِنْكَ،
    ألاَّ تَعُودَ مَعَ الغَيْمَةِ الْمَاطِرَهْ
    فهلْ أنتَ ماضٍٍ إلى غيرِ ما نحنُ ماضونَ،
    أمْ سوفَ تَرْجِعُ،
    حتى نَجِيءَ إليكَ،
    لِتَعْتَذِرَ الآنَ مِنَّا جميعًا،
    وتُقْسِمَ ألاَّ تَمُوتَ طَوِيلاً،
    وتَهْجُرَ مِيْتَتَكَ الْغَادِرَهْ
    وأَنَّكَ سوف تعودُ
    – كما كُنتَ فينا -
    لِتَكْتُبَ أُنْشُودَةَ الزَّفَّةِ الْمُسْتَحيلَةِ،
    ثمَّ تموتَ لَنَا،
    مثلما نحنُ فيكَ نُموتُ،
    على وَقْعِ أُمْسِيَّةٍ آسِرَهْ؟!

    وراءَكَ:
    نحنُ نُزَوِّقُ بعضَ بقايا الحياةِ،
    التي كنت أنتَ تُحبُّ،
    ولكنَّنا لم نزلْ – مثلما كنتَ –
    نبحثُ في الأرضِ عن مُفرَدَاتِ السَّبيلِ،
    ونغرقُ دونَ قصيدةِ شعرٍ،
    وَنَعْرَقُ في حَمَأِ الخاطِرَهْ!

    سأختارُ موتَكَ هذا الوفِيرَ،
    لأكسُوَ من بعضِهِ مَوتَنا،
    نحن يا صاحبي ميّتونَ،
    ولكن بِلا ذارِفاتٍ حِسَانٍ،
    ومن غيرِ نَعْيٍ وَثيرٍ،
    فإنْ كنتَ مُتَّ لَنا مَرَّةً،
    إنَّنا ميِّتونَ بِحُبِّكَ للمرَّةِ العاشِرَهْ!!
    [/align][/frame][/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود ; 10-23-2008 الساعة 09:32 PM

  2. #2

    افتراضي

    سعادة الأستاذ هلال الفارع حفظه الله و رعاه
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    رحم الله فقيد الشعر الكبير و بارك الله فيكم. وقفة وفاء تنم عن أصالة.
    تفضلوا بقبول فائق الإحترام و التقدير.
    مع تحيات نضال سيف الدين خالد

+ الرد على الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك