المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيني وبينَكَ شاهِدَهْ!



هلال الفارع
12-02-2010, 07:39 PM
بيني وبينَكَ شاهِدَهْ
شعر: هلال الفارع

http://www.wata.cc/up/uploads2/images/w-3bd35d99f4.jpg

سمير عطية( مدير عام بيت فلسطين للشعر) يقرأ الفاتحة أمام ضريح الشاعر الراحل

بيني وبينَكَ شاهِدَهْ
لا أَسْتَطِيعُ الْبَوْحَ بالْمَحْرُوقِ في صَدْرِي،
وبالْمَخْنُوقِ في عَيْنِي،
فليسَ سِوَى انْتِحَابٍ صامِتٍ،
يَغلِي عَلى لَحَظَاتِ رَجْفٍ بَارِدَهْ

كُلٌّ يُفَتِّشُ عَنْ فقيدٍ في الحياةِ،
وَأنْتَ تَبْحَثُ عَن قَصيدٍ في الثّرَى،
أَتُرَاكَ تنسِجُ لِلظَّلامِ مَكِيدَةً،
أَمْ أَنْتَ تَنصِبُ لِلْفِرَاقِ مَكائِدَهْ؟

ماذَا تُدَبِّجُ في الثَّرَى،
أَتُرَاكَ تُشْعِلُ في الْخَفَاءِ فَتِيلِ قَافِيَةٍ،
لِتَنْسِفَ وَهْمَنَا بِقَصِيدَةٍ،
تُشْقِي الْقَوافِي خَالِدَهْ؟

أَمْ تَرْصُفُ الْكَلِمَاتِ تَحْتَكَ،
كَيْ تَفِزَّ بِهَا الْغَدَاةَ،
إلى الْحَياةِ الْبَائِدَهْ

أَنا في حِماكَ الآنَ،
مُدَّ الشِّعْرَ مائِدَةً،
وَدَعْنَا نَغْتَبِقْ،
ما عَادَ في وَطَنِ الْمَجَاعَةِ مائِدَهْ

يا سَيِّدَ الْكَلِمَاتِ:
سُوقُ الْحَرْفِ أَضْحَتْ كَاسِدَهْ
وَقَرَائِحُ الشُّعَرَاءِ قَرَّحَهَا الفِرَاقُ،
وَأَطْرَقَتْ كَلْمَى الرَّغَائِبِ رَاكِدَهْ

يا سَيِّدَ الشُّعَرَاءِ هانَ الشِّعْرُ،
وانْكَسَفَتْ تَفَاعيلُ الخَلِيلِ،
وَلَمْ يَعُدْ لِقُرُونِ لَيْلَى إِذْ تَرِفُّ،
ولا لِقَيْسٍ إِذْ يَشِفُّ عَنِ القلائِدِ فَائِدَهْ

وَرَأَى الصِّغَارُ رَحِيلَ أَهْلِ الشِّعرِ،
كَيْ يَتَفَرَّغُوا لِفُتَاتِهِمْ،
سُحْقًا لأَيْدٍ مِنْ فُتُاتٍ فاَسِدَهْ
ما عَادَ يُغْرِيهَا بَرِيقُ الضَّادِ،
واسْتَحْلَتْ بُرُودًا وافِدَهْ

ما عَادَ يُغْنِيهَا عَنِ الإِمْلاقِ
أَشْعَارٌ مَطِيرَهْ
فاسْتَأْنَسَتْ بِحَمِيَّةٍ حَمْقَى صَغِيرَهْ
أَنَا في حِمَاكَ الآنَ،
أَجْمَعُ ما تَكَدَّسَ مِنْ لُهَاثِ الشَّمْسِ
في وَجْهِ الظَّهِيرَهْ
وَأَمُرُّ ما بَيْنَ الشَّواهِدِ شارِدًا،
أُصْغِي لِحُرْقَةِ فَاقِدٍ،
وَلِنَهْنَهَاتِ كَسِيرَةٍ تَشْقَى بِأَدْمُعِهَا،
وَمُهْجَتِهَا الْكَسِيرَهْ

أنا في حِماكَ الآنَ،
أَصْفِقُ بالأَسَى كَفَّيْنِ ذاهِلَتَيْنِ،
هَدَّهُمَا ذُهُولٌ في سُؤالاتٍ كَثيرَهْ:
مِنْ أَيْنَ يا وَطَنِي أَمُرُّ إلَيْكَ،
والشُّعَرَاءُ ماتُوا،
قَبْلَ أَنْ يُنْهُوا قَصِيدَتَكَ الأخيرهْ؟

مِنْ أَيْنَ أَبدَأُ والْحَقَائِقُ كُلٌّهَا نَضَبَتْ،
وما اسْتَبْقَى جُنُونُ المَوْتِ مِنْهَا شارِدَهْ؟

لَمْ يَبْقَ لي،
وَأَنا أَغُذُّ الخَطْوَ، غَيْرَكَ،
فاستَقِلْ مِنْ مَوْتِكَ الدّامِي،
وَعُدْ لَوْ مَرَّةً..
لو مَرَّةً -يا ابْنَ الأوَادِمِ - واحِدَهْ
فيهَا تُكَذِّبُنَا،
وَتُقْنِعُنَا بِأَنَّكَ نائِمٌ،
وَبِأَنَّنا مُتَوَهِّمُونَ بِأَنَّنَا
... نَبْكِي أَمَامَ الشَّاهِدَهْ!!!