المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كَمْ مَــرَّةً سَتُجِيــرُنِي وَتُعِيــدُنِي؟!



هلال الفارع
12-29-2009, 09:39 AM
كَمْ مَــرَّةً سَتُجِيــرُنِي وَتُعِيــدُنِي؟!

*شعــر: هــلال الفــارع

نَزَفَ الأَنِينُ على الفِرَاشِ صَوَابِي=والدَّمْعُ ذَوَّبَ مِلْحُهُ أَهْدَابِي
والْعَابِرَاتُ بَيَاضُهُنَّ يَمُوجُ بي=وَيَرُجُّ في وَضَحِ النَّوَى أَعْصَابِي
يُخْفِينَ ما يَحْمِلْنَ إِلاَّ أَنَّنِي=أَدْرَى بِمَا يُخْفِينَ مِنْ أَوْصَابِ
تُغْرِي بِيَ الإِشْفَاقَ وَهْيَ تَسُومُنِي=وَتُهِِيلُنِي صَمْتًا على أَغْرَابِ
وَقَفُوا كَأَنَّ عُيُونَهُمْ غَدَرَتْ بِهِمْ=هِيَ في الْجِوَارِ، وَهُمْ وَرَاءَ حِجَابِ
يَتَسَارَقُونَ الْهَمْسَ، لكنِّي أَرَى=حَدَقًا يُدَوِّنُ في الْوُجُوهِ مُصَابِي
وَتَمُرُّ بِي زُوَّادَةٌ مِنْ خاطِرٍ=فيهَا انْخِلاعُ الْقَلْبِ يَقْرَعُ بَابِي
أَوَّاهُ مِنْ زَنِّ الحَنينِ، وَلَدْغَةٍ=في الْرُّوحِ، تُنْطِقُ صُورَةَ الأَحْبَابِ
وَأَنا أَلُوبُ مُشَرِّقًا، وَمُغَرِّبًا=تَمْضِي بِيَ الْحَدَقَاتُ بَيْنَ خَرَابِ
لا الْحَرْفُ يُسْعِفُنِي لأُمْلِيَ خاطِرِي=فَوْقَ الصِّحَافِ، ولا يَلِينُ رِكَابِي
وَتَخَالُنِي بيْنَ الْمَشَارِطِ لَوْحَةً=رُشِقَتْ بِكُلِّ رَشِيقَةٍ، وَخِضَابِ
يَمْضِي بِهَا الْقَانِي، فَيَعْبِسُ لَوْنُهُ=وَيَجُرُّ خَلْفَ عُبُوسِهِ تَسْكَابِي
وَيَكَادُ يَرْسُمُ صَرْخَةً مَكْبُوتَةً=لولا الْحَياءُ لَقَدَّدَتْ أَثْوَابِي
هلْ هذِهِ الدُّنْيَا حِكَايَةُ سَامِرٍ=أَمْ قِصَّةٌ خَرْقَاءُ مِنْ كَذَّابِ
أَمْ حَفْنَةٌ مِنْ جَنَّةٍ، فَإِذَا بِها=عِنْدَ الْحَقِيقَةِ جَفْنَةٌ مِنْ لاَبِ؟!
مَنْ مُنْقِذِي مِنْ مِرْجَلٍ مُتَمَلْمِلٍ=خَلَعَ الْحَيَاةَ على البِلَى والنَّابِ؟
هذَا أَنَا، تَطْوِي مَفَارِشَ لَهْفَتِي=كَفِّي الَّتِي أَعْيَتْ على التَّرْحَابِ
.. وَتَقَاطَرَتْ بِرُؤَايَ أَلْفُ رِوَايَةٍ=أَتْخَمْتُهَا مِنْ لَوْعَةِ الأَصْحَابِ
وَغَرِقْتُ في حَزَنِي بِعُقْمِ فُصُولِهَا=هَلْ سَوْفَ أَعْبُرُ حَرَّهَا بِسَرَابِي؟!
يا قَلْبُ ما كُلُّ التَّلَكُّؤِ قاتِلاً=فَالْخَفْقُ أَقْتَلُهُ الَّذي يَنْآى بي
كَمْ مَرَّةً سَتُجِيرُنِي، وَتُعِيدُنِي=لأَعُودَ أَرْقُبُ خَفْقَةَ الإِضْرَابِ؟!
أَنَا ما خَشِيتُ الْمَوْتَ يَشْرَبُهُ دَمِي=والْفَاتِكَ الْمَحْمُومَ فيهِ ذَهَابِي
أَبَدًا.. ولمْ أَحْفِلْ بِغُصَّاتِ الدُّجَى=تَذْرُو على شَفَتِي قَصِيدَ عَذَابِي
لكنَّنِي أَهْرَقْتُ شَهْقَةَ مُهْجَةٍ=ذابَتْ حَنِينًا في النَّوَى لِمَآبِي
وَتَعَلَّقَتْ بِنِيَاطِ وَاهٍ مُتْعَبٍ=صَبٍّ رَهِيفٍ عاشِقٍ مُتَصَابِ
يَنْجُو وَيَغْرَقُ في الأَسَى، وَكَأَنَّهُ=طَوْفٌ تَعَاوَرَهُ جُنُونُ عُبَابِ
لو لمْ تَكُنْ لي في اللِّقَاءِ ذَخَائِرٌ=لَرَدَدْتُ نَبْضِي فيهِ للأَعْقَابِ
وَلَقُلْتُ يا قَلْبِي خَسِرْتَ، وَإِنَّنِي=ضَيَّعْتُ فيكَ ذَخَائِرِي، وَشَبَابِي
وَوَقَفْتُ في الْمَنْفَى أَجُرُّ كَآبَتِي=وَأَعَدْتُ في بابِ الرَّجَاءِ حِسَابِي!!