المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كما اشتهاكَ الموت!!



هلال الفارع
12-29-2009, 09:33 AM
http://www.wata.cc/forums/imgcache/8235.imgcache.jpg (http://www.wata.cc/forums/imgcache/8235.imgcache.jpg)
اتصل بي، وقال: سأزورك قبيل مغادرتي. قلت له: لقد اشتقت لرؤيتك.. قال: وأنا والله!
في اليوم التالي، لم يأت، واكتفى بالسفر، والاعتذار.. سأراك في الوطن إن شاء الله.. قلت: إن شاء الله.
كان على اتصال بالجميع، وهو يلتهم محطات الفراغ في جسد الصحراء.. آخر اتصال له كان مع أخيه، قال له: لقد استرحنا، وصلينا، وتوكلنا على الله..
بعد عشر دقائق، التهمهم الموت:
محمود علي أسمران ( 33 عامًا )
وزوجته ( 31 عامًا )
وأطفاله:
- علي (تسع سنوات)
- لما ( أربع سنوات )
- لمار ( سنتان )
- وشاءت إرادة الله أن يبقى محمد ( سبع سنوات )

يعاني من إصابات حرجة جدًّا في مستشفى الأمير عبد الرحمن السديري بمدينة سكاكا في المملكة العربية السعودية.
عادت إلى الوطن خمسة نعوش، لقضاء إجازة من همّ الاغتراب، ومعها سيل من البكاء والأنين، من كل الذين يحبون أبا علي، وما أكثرهم!
لم تفارقنا ابتسامته، ولم نفارق نحن وجع قلوبنا كل لحظة!

***

... كما اشتهاكَ الموت!!

*شعــر: هــلال الفــارع
كمْ قُلْتُ لَكْ:
الموتُ قرَّرَ أَنْ يُداهِمَنَا،
فَهَيِّئْ مِحْمَلَكْ
واجْمَعْ شَتَاتَكَ،
لمْ يَعُدْ يَكْفِي الفِرَارُ،
وَلَمْ تَعُدْ تُجْدِي احْتِمَالاتُ الْفَلَكْ
كمْ قُلْتُ لَكْ:
يا صاحِبِي،
"مَنْ لَمْ يَمُتْ بالسَّيْفِ ماتَ بِغَيْرِهِ"
فَاكْتُبْ وَصِيَّتَكَ الأَخيرَةَ،
إنّهُ الموتُ اسْتَعَدَّ لِيَقْتُلَكْ
لا شَيْءَ يَعْصِمُنَا هُنَا،
لا شَيْءَ يَكْفِي،
كي يَرُدَّ لَنَا الْحَيَاةَ،
فَقَدْ هَلَكْنَا...
لا حَياةَ لِمَنْ هَلَكْ
لمْ تَسْتَمِعْ لي جَيِّدًا،
لمْ تَنْتَبِهْ،
حتّى اصْطَدَمْتَ بِهذِهِ الصَّحْرَاءِ،
فاخْتَرَقَتْكَ،
لمْ تَرْحَمْ قَسَاوَتُهَا الْغَدَاةَ تَوَسُّلَكْ
ما أَقْتََلَكْ!
يا حَامِلاً دَمَكَ المُسَافِرَ في الْعَرَاءِ،
بِلا مُبَالاةٍ،
وَناشِرَ جُرْحِكَ الْمَفْتُوحِ في الدَّهْناءِ،
تَبْغِي مَنْزِلَكْ
كمْ قُلْتُ لَكْ:
مَنْ لَيْسَ يَعْصِمُهُ ثَرَاهُ مِنَ التَّسَوُّلِ
عِنْدَ أَقْدَامِ الْحَيَاةِ،
فَلَيْسَ تَعْصِمُهُ الرِّمَالُ،
وَلَوْ تَغَوَّلَ في مَفَاوِزِهَا،
وَأَغْدَقَ، وامْتَلَكْ
لَمْ تَسْتَمِعْ لي يا أَخِي،
لم تَسْتَمِعْ...
ما أَجْهَلَكْ!
وَطَفِقْتَ مِثْلِي،
تَسْتَفِزُّ هَوَاجِسَ الشِّرْيانِ،
لمْ تَفْهَمْ بِأَنْ النَّزْفَ
لن يسْتَمْهِلَكْ
ها أَنْتَ مُتَّ
- كما اشْتَهَاكَ الْمَوْتُ –
لم تُكْمِلْ فَوَاصِلَ حُلْمِكَ الظَّامي،
وَلَمْ تَبْلُغْ بِوَهْمِكَ جَدْوَلَكْ
كمْ قُلْتُ لَكْ:
اِهْدَأْ قَليلاً،
فالنِّهايَةُ في الْبِدَايَةِ،
والنَّجَاةُ لِمَنْ تَرَجَّلَ،
قَدْ نَسِيتَ إلى الصُّعُودِ تَرَجُّلَكْ
يا أَيُّها الْمَدْفُونُ في قَلْبِي،
تَمَلْمَلْ.. إِنَّنِي أَهْوَى
- وَقَدْ حَلَّ الْفِرَاقُ –
تَمَلْمُلَكْ
قُمْ، واسْتَمِعْ لِنِياطِ قَلْبِي،
وهي تَرْجُو أنْ تُبَادِلَهَا الأَنِينَ،
وَتَسْتَبِيحَ تَأَمُّلَكْ!