المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَإِنِّي لَتَذرُونِي إِلَيْهَا صَبَابَتِي!!



هلال الفارع
12-29-2009, 09:26 AM
وَإِنِّي لَتَذرُونِي إِلَيْهَا صَبَابَتِي!!

*شعــر: هــلال الفــارع

سَلامٌ على الأَوْطَانِ مَا رَفَّ طَيْرُهَا=وَمَا شَفَّ لُقْيَاهَا، وَمَا هَفَّ عِطْرُهَا
وَمَا كَفَّ سُقْيَاهَا، وَمَا جَفَّ رِيقُهَا=وَمَا عَفَّ ظَمْآهَا، وَمَا طَفَّ فَقْرُهَا
سَلامٌ على الأوطانِ في كُلِّ رَجْفَةٍ=تُذَوِّبُنِي شَوْقَا، فَيَعْتَلُّ هَدْرُهَا
وَلِي في ثَنَايَا الرُّوحِ آهَاتُ فاقِدٍ=وَأَنَّاتُ مَوْجُوعٍ، تَوَلاَّهُ حَرُّهَا
أَنَامُ على شَوْكِ اللَّيَالِي، وَإِنَّنِي=تَرَاوِدُنِي الأَيَّامُ، والأَمْرُ أَمْرُهَا
وَلَسْتُ على زَجْرِ السَّوَافِي بِقَادِرٍ=وَلَيْسَتْ تُبَارِينِي، فَيَنْزَاحُ غَدْرُهَا
تَجَرَّعْتُ غَسَّاقًا مَرِيرًا مَذَاقُهُ=ومَا زَالَ يُدْنِينِي مِنَ الكَاسِ مُرُّهَا
وَأَعْجَبُ مِنْ دَهْرٍ حَرُونٍ رَجَاؤُهُ=يُقَلِّبُهُ بَطْشُ اللَّيَالِي، وقَهْرُهَا
يُنَادِمُ خَوَّانًا، وَيُزْرِي بِمَاجِدٍ=إِليهِ تُسَاقُ الْمُبْحِراتُ، وَبَحْرُهَا
وَيَرْفَعُ أَقْزَامًا طَوَى الصُّغْرَ صُغْرُهَا=وَيُخْفِضُ أَعْلامًا رَوَى الْكِبْرَ كِبْرُهَا
وَمَنْ يَأْمَنِ الأَيَّامَ يُسْقِمْهُ بَرْحُهَا=وَيرْقُمْهُ لِلرَّقْطاءِ والغُرْمِ وَكْرُهَا
سَلامٌ على الأوطانِ في كُلِّ رَجَّةٍ=تَمَيَّزَ في قَلْبِ المُتَيَّمِ جَمْرُهَا
خَلِيلَيَّ إِنْ نَاحَتْ بِصَمْتٍ حَمَامَةٌ=فتلكَ جِرَاحَاتِي بِثُكْلٍ تَجُرُّهَا
دَعُوهَا تُنَشِّرْ جَرَّةَ الْحُزْنِ بَيْنَكُمْ=فَقَدْ شَطَّ في مِلْحِ التَّبارِيحِ غَوْرُهَا
وَأَمْسَتْ على سُهْدٍ، وَأَغْفَتْ على أَذًى=وَأَوْغَرَ صَدْرَ الْهَدْلِ والنَّوْحِ زَفْرُهَا
أَقُولُ إِذَا الأَشْعَارُ أَرْخَتْ نَشيجَهَا=وَأَعْقَمَ فَوْقَ السَّطْرِ بِالشِّعْرِ حِبْرُهَا
ألا ليتَ شِعْرِي مَنْ يُوَاسِي مُضَرَّجًا=بِآهاتِ وَجْدٍ، لا يُجَافِيهِ زَوْرُهَا؟!
يَنَامُ على جَمْرٍ، وَيَصْحُو لِمِثْلِهِ=وَتَطْحَنُهُ العُسْرَى، وَيَذْرُوهُ عُسْرُهَا
لقد كالَ لي دهري كثيرًا من النَّوى=وَأَفْرَدَ لي سُوحًا حَنَى الظَّهْرَ وِزْرُهَا
وَعَاقَرْتُ أَقْدَاحَ الْعَنَاوينِ كُلِّهَا=فَأَنْشَبَ في حَلْقِي قَذَاهَا وَهَجْرُهَا
وَمَالأَنِي صَبْرِي طَويلاً، وَإِنَّنِي=لَتَقْتُلُنِي النَّجْوَى، وَيَمْتَدُّ فَطْرُهَا
وَلَيْلَةِ سُهْدٍ قَدْ رَمَتْنِي بِحُلْكَةٍ=وَنَامَتْ بِقَلْبِي، بَعْدَمَا ماتَ فَجْرُهَا
تَجَرَّعْتُهَا سَوْدَاءَ تَبْكِي نُجُومُهَا=على قَمَرٍ يَأْوِي، فَيَنْفِيهِ زَجْرُهَا
لِمَنْ هَذِهِ الأَوْطَانُ يَحْتَدُّ بُؤْسُهَا=وَيَرْفُلُ في إِيمَانِهَا اليومَ كُفْرُهَا
وَتَبْكِي، فَتَسْتَعْصِي عليها دُمُوعُهَا=وَتَحْكِي، فَيَسْتَقْصِي صَدَى الحَرْفِ ذُعْرُهَا؟
على شَفَةِ الصَّادِي سُؤَالٌ يُذَيبُهَا:=لِمَنْ هَذِهِِ الأَوطَانُ قدْ غِيلَ طُهْرُهَا
لِمَنْ هذه الجُدْرَانُ تَسْبِي ضِياءَهَا؟=متى تَنْجَلِي الظَّلْمَا، وَيَنْزَاحُ جَوْرُهَا؟
وكم مِن حياةٍ طََوْعُ كفٍّ كَفِيفَةٍ=يُكَبِّلُهَا سِرُّ الْمَنَافِي وَجَهْرُهَا؟
سَلامٌ على الأَوطانِ ما جَلَّ قَدْرُهَا=وَما اعْتَلَّ صَادِيهَا، وَمَا هَلَّ قَطْرُهَا
وَإِنِّي لَتَذْرُونِي إِلَيْهَا صَبَابَتِي=فَأَهْوِي، وَيَنْآى بالصَّبَابَاتِ ثَغْرُهَا
أَرَانِي صَريعًا دُونَ حُلْمٍ يَهُزُّنِي=فَتَسَّاقَطُ الرُّوحُ التي عِيلَ صَبْرُهَا!