المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تَعسًــا لنــا هــذا الْعَمـَـى الأَزَلِــيّ !!



هلال الفارع
05-03-2008, 01:46 PM
تَعْسًا لَنَا هذا الْعَمَى الأَزَلِيّ
*شعــر: هــلال الفــارع
مِنْ أَيْنَ جَاؤُوا؟
أَلْفُ جَدٍّ لِي هُنَا وُلِدُوا،
وَوَرَّثَ بعضُهُمْ بَعْضًا حِكايَتَهُ، ومَاتُوا

وَتَراكَمَتْ أَنْفاسُهُمْ في كُلِّ زاويَةٍ،
وفي دَمِنَا، وفي الآفاقِ،
وَانْتَفَضَتْ على قَبَضَاتِهِمْ فينا الْحَياةُ

هذا الوُجُودُ الماثِلُ الدَّهْرِيُّ لا يَنْفَكُّ يَشْرَبُنَا،
فكيفَ تَسَلَّلَتْ لِهَوائِنَا بَعْضُ النِّفَاياتِ اللَّقيطَةِ،
وامْتَطَى أعْصَابَنَا، وَبَغَى الْجُنَاةُ؟

كيفَ استطاعُوا أنْ يُمِيتُوا الْحِسَّ فينا،
ثمَّ يَأْتُونَا مَتَى شَاؤُوا،
ونَمضِي عَارُنا مُتَرَبِّعٌ فينا،
وفي صَحْرَائِنَا يَهْذِي الْحُدَاةُ؟

مِنْ أينَ جاؤُوا والفُصولُ جميعُها مِنَّا،
وكُلُّ مَفَاوِزِ الأرضِ الْجَريحَةِ مِثْلُنَا،
لا تستريحُ إذا تَثَاءَبَتِ الْفَلاةُ؟

بلْ كيفََ صارُوا بَيْنَنَا،
ونَكَادُ نَجْزِمُ أنَّنا لم نَغْفُ قَيْدَ دَقِيقَةٍ،
بلْ لم يُدَاهِمْنَا النُّعَاسُ،
ولم يُفَاجِئْنَا السُّبَاتُ؟

في كُلِّ فَاصِلَةٍٍ لَنَا قَدَمٌ
تُغَازِلُ ظِلَّنَا فيها،
وأَيْدِينَا تَبِيتُ على زِنَادِ القلبِ،
مُذْ حَمَلَتْ بنا كُرْهًا،
ومُذْ نَذَرَتْ عَلى كُرْهٍٍ دِمَانَا الأُمَّهَاتُ

والأرضُ تبقَى الأرضَ،
لم تَسْرِقْ خُطَانَا
كيْ تَمُرَّ خُطَى الْخَطِيئَةِ فوقَها والْمُومِيَاتُ

مِنْ أينَ جاؤُوا؟
ثمَّ مَنْ ألقَى بأيديهِمْ مَقَاديرَ الْحَيَاةِ،
يُفَصِّلُونَ الرِّزْقَ كيفَ تَشَاءُ شَهْوَتُهُمْ؛
لهم كُلُّ الذي تَحْتَ السَّمَا، وَلَنَا الْفُتَاتُ؟

فَلَهُمْ بُحُورُ الْكَازِ
تَجْرِي فوقَها بِدِمائِنَا،
وبِمَا لَدَيْنَا النَّاقِلاَتُ

وَلَهُمْ مُحيطَاتُ الْقُصُورِ الْغَافِيَاتِ على مَلامِحِنَا،
وفي أَفْيَائِهَا تَغْفُو الْجِهَاتُ

والْبَعْضُ صَارَ النِّيلُ بَعْضَ رَصِيدِهِ،
والْبَعْضُ طُوِّبَ باسْمِ زَوْجَتِهِ الفراتُ!

والبعضُ مَشْغولٌ يُرَتِّبُ شَأْنَهُ والأَطْلَسِيَّ،
ولم يزل يسعى لإِفسادِ النِّصابِ،
بحيثُ لا تَجِبُ الزَّكاةُ

ماذا تَبَقَّى مِنْ حِمَى وَطَنٍ يَئِنُّ
مِنَ المُحيطِ إلى الخَليطِ،
وقد تناهَبَهُ الطُّغَاةُ؟

ماذا تبَقَّى مِنْ بَراءَتِنا،
وفي أشلائِها جَاسَ الزَُّناةُ؟

مِنْ أَيْنَ جاؤُوا يا تُرَى،
أمْ نحنُ مَنْ جِئْنَا إليهِمْ بَغْتَةً،
مُغْرَوْرِقينَ بِدَمْعِنَا،
نُمْسِي وَنُصْبِحُ حَاسِرينَ وخَاسِرينَ
تَلُوكُنَا بِفَظَاظَةٍ هَذِي الأَذَاةُ؟

مَنْ أَوْصَلَ الْمُتَهَالِكِينَ إلى دِمَاءِ مُرُوجِنَا،
يَتَرَبَّصُونَ بِنَا،
وَنَحْنُ سِيَاجُ هذا الْجُوعِ
حينَ يَجِيئُنَا مِنْ بَابِ عِزَّتِهِمْ عِدَاةُ؟

يَغْفُونَ في نََزَوَاتِهِمْ،
وَيُدَاهِمُونَ بُلُوغَنَا،
لِنَبيتَ نَحْرُسُ مَا أَرَاقُوا خَلْفَهُمْ مِنْ فائِضِ الشَّهَواتِ،
يَشْرَبُهَا على الظَّمَأِ الشَّتَاتُ

مِنْ أينَ جَاؤُوا؟
الْبَعْضُ يَرْوِي أَنَّهُمْ مِنْ سِرْبِ خَيْلٍ
أَعْلَنَتْ َعن مُفْرَدَاتِ صَهِيلِهَا الإِضْرابَ،
أوْ مِنْ قَفْزَةٍ عَمْيَاءَ في وَجْهِ الْحَيَاةِ،
أَضَاعَ مَعْنَاهَا الرُّعَاةُ

وَبِأَنَّهُمْ جاؤُوا على عَجَلٍ
لِتُطْفِئَ نَارُهُمْ خَيبَاتِنَا،
والْبَعضُ يَرْوِي أَنَّهُمْ سِحْرٌ يُجَسِّدُهُ الْحُوَاةُ

والْبَعضُ يَرْوِي أَنَّهُمْ مِنَّا،
وقَدْ كَذبَ الرُّوَاةُ

مِنْ أيْنَ جاؤُونَا بِلا إِذْنٍ،
فَصَارَ هَواؤُنَا مِنْ جُوْدِ أَيْدِيهِمْ،
وَصَارَ سَنَامُ غَايَتِنَا الْمَمَاتُ؟

مَاذَا لَدَيْهِمْ مِنْ مَوَاهِبَ نَحْنُ تَنْقُصُنَا،
لِتُلْحِفَهُمْ دَهَاليزَ الْقُصورِ مَعَ الْخُصورِ،
وَيَسْتَهِمَُّ إلى حِرَاسَتِهَا – على الْجُوعِ – الْحُفَاةُ؟

تَعْسًا لَنَا هذا الْعَمَى الأَزَلِيُّ
يَخْلَعُنَا على أَوْكَارِنَا،
وَيُبِيحُ فينا مَنْطِقَ التَّرْوِيضِ،
كَيْ يَحْظَى بِبَيْعَتِنَا الْوُلاةُ

تعسًا لنا..
كُنَّا نُفَصِّلُ لِلرِّيَاِح صَفِيرَها،
وَنَمُدُّ أَعْيُنَنَا إلى غَايَاتِنَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ،
ثُمَّ بِتْنَا لا نَشُمُّ الْعَارَ في أَطْرَافِ عِفَّتِنَا،
فَكَيْفَ تَبَدَّلَتْ فينا الرِّئَاتُ؟!


تعسًا لنا هذا الْفَرَاغُ،
وفيهِ تَعْبُرُ فوقَنَا كُلُّ السَّوَائِمِ،
ثُمَّ نَسْأَلُ:
كَيْفَ نَدَّتْ في الصُّدُورِ الْحَشْرَجَاتُ؟

هلْ هَذِهِ مِنْ بَعْضِ آيَاتِ الْقِيَامَةِ،
أمْ سَنَقْرَأُ أَنَّ مَوْلانَا لَدَيْهِ الْمُعْجِزَاتُ؟

فإذا ادَّعَى ما يَسْتَطِيعُ مِنَ التَّأَلُّهِ،
كيفَ يُقْنِعُنَا،
وقد مَاسَتْ بِعِزَّتِنَا الإِمَاءُ،
ومِنْ جَنَى الأَثْدَاءِ تَحْيَا الْمَاجِدَاتُ؟

يا مَوْتُ زُرْ...
أَخْشَى – وقد بَلَغَ الزُّبَى سَيْلُ الْوُلاةِِ –
بِأَنْ تُقَنَّنَ في غَدٍ فينَا التِّلاَوَةُ والصَّلاَةُ


مِنْ أينَ جاؤُوا؟
بينَ أيدِيهِمْ صُكُوكُ بَقائِنا،
وعلى هَوامِشِهِمْ تَوزَّعَنا الرُّمَاةُ

مِنْ أينَ جاؤوا؟!!!
نَحْنُ لا نَدْرِي،
فَقَدْ كُنَّا نُهَيِّئُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ سُيُوفٍ
كَيْ نَصُدّ غُزَاتَنَا،
فإذا بِنَا نَسْعَى،
وفِي أَعْرَاقِنَا يَجْرِي الْغُزَاةُ

ماذا سَتَكْتُبُ أَيَُّهَا التَّارِيخُ؟
هلْ تَكْفِي لِتَشْكُرَهُمْ
على صَفَحَاتِكَ الثَّكْلَى لُغَاتُ؟!

ماذا سَتَكْتُبُ؟
كُلُّ هذا الشَّعْبِ "مَجْرُورٌ وَمَفْعُولٌ بِهِ"،
ماذا يَقُولُ - وَقَدْ تَسَاوى الْجَرُّ والنَّصْبُ- النُّحَاةُ؟!!